أبناؤنا هبة من الله عز وجل وأمانة استرعانا إياها، فالله تعالى سائل كل راعٍ عما استرعاه.. أحفظ أم ضيَّع!!
فالأم صانعة أجيال، فهي المؤثر الأول، فيجب إعدادها لتكون أمًّا وزوجةً، تتحمل مسئولية مهام البيت، وهي كلمة كبيرة يندرج تحتها العديد من العناصر، فالبيت مجتمع صغير لا بد أن يتوفر فيه النظام والنظافة والمهارات المختلفة والتي تقتضي إعداد الفتاة في سن مبكرة.
أولاً: النظافة
البنت في المنزل كالريحانة، فلا بد أن يكون لها أثر طيب، وأهم الصفات الحميدة التي نودُّ أن تنشأ عليها الفتاة منذ الصغر هي النظافة، وهي ليست بالشيء الهيِّن، ولكن يجب أن تربَّى عليه منذ الصغر وتنقسم إلى:
1- النظافة الشخصية:
أ- تعويد الاستحمام بصفة دائمة.
ب- غسل اليد والوجه ثلاث مرات على الأقل.
ج- غسل الأسنان.
د- تقليم الأظافر والثناء عليها كلما بادرت بطلب ذلك.
ملحوظة:
كوني حريصةً على أن تكون هناك ملابس خاصة بالنوم وملابس خاصة بالجلوس، وحاولي قدر المستطاع المحافظة على نظافتها.
أثناء تناول الطعام تستعمل فوطة أو مريلة والمحافظة عليها كأسلوب للطعام.
غسل اليدين قبل الأكل وبعده.
2- نظافة المنزل:
فيجب أن تربى البنت على أن تقع عيناها على حجرة نظيفة، بها سلة لتضع فيها مهملاتها حتى لا تعتاد رمي المهملات في أي مكان، وتحرص على وضع كل شيء في مكانه الصحيح، وعند المساء تنظف الحجرة قدر المستطاع بمساعدة الأم كما أوصى نبينا- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "نظفوا أفنيتكم وخالفوا اليهود والنصارى".
وعلى الأم أن تُراعي أن هذا ديننا الحنيف فتعلمها مهارة النظافة وتخصص مكافأةً لأكثر الأبناء نظافةً حرصًا على هذا الأدب وتذكرهم (النظافة من الإيمان).
تعليم الطهارة ومبادئها من استنجاء وشروطه وكيفيته إذا كانت خارج أو داخل البيت؛ وذلك للتعود.
يعطى الأمر تدريجيًّا من غرفتها إلى خارجها مع الحرص على عدم طلب أشياء قابلة للكسر، ويجب التأكيد على أن الملائكة تدخل البيت النظيف وتفر من البيت القذر.
وأنها في طاعة الله ما دامت في طاعةِ والدتها، وأثناء الدراسة نخفف عنها بعض الأعمال ونراعي نظافة الحقيبة والأدوات وتحفيزها الدائم بالكلمات الطيبة، وبعد الطعام تحمل طبقها إلى الحوض ثم تدريجيًّا تغسله بمساعدة الأم في البداية ثم تتركها تقوم بالعمل بمفردها.
محاذير
رمي أوراق الحلوى في الأرض بل رميها داخل السلة وقبل النوم تفرغ في السلة الرئيسية.
الأكل دون ضابط مع المرور بالشقة، يجب المكوث أثناء الطعام.
كلما ازداد الحرص على النظافة ازداد الحرص على المحافظة عليها والنتيجة انتماء إلى المكان.
ثانيًا: النظام
وهو موضوع مكمل للنظافة فلا نظافة بدون نظام.. تعويد البنت على تنظيم دواليب الملابس بمساعدة الأم وأرفف الكتب ووضع الملابس في أماكنها المخصصة وغسل مستلزماتها الخاصة بعد أن تتعلم من أمها طريقة الغسل بالتدريج.
ويمكن للأم أن تكرر الغسيل بعدها وإنما هذا لتعويدها حتى تكون ماهرةً به.
يجب تعويدها على نظام المواعيد في الأكل والمذاكرة بقدر المستطاع وتعويدها على وضع كل شيء في مكانه والأم قدوة لها في ذلك.
ملحوظة:
النظافة والنظام من العادات التي يجب أن تباشرها الأم باستمرار وتتابع تنفيذها أولاً بأول حتى تتأكد من تأصيلها في نفوس أولادها.
النواحي الاجتماعية
هذا الجانب من أهم الجوانب التي يجب أن ينمي في نفوس الفتيات، فالجانب الاجتماعي في التربية يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية بعد الجانب الإيماني والأخلاقي؛ لأن عن طريقه يتم رسم الشخصية التي يجب أن تكون عليها الفتاة، وفيه تكتمل شخصيتها الاجتماعية وتنمية هذا الجانب يتم منذ الصغر.
1- يجب أن يتوفر الجو الأسري المترابط بين الأب والأم والإخوة والأقارب من ناحية الأب والأم فذلك الجو يساعد الفتاة على النشأة الاجتماعية الصحيحة، ويكون الحب والمودة هو الجو السائد في الحياة الأسرية.
2- إذ تتعود على العلاقة الحسية والمحترمة مع والديها وإخوتها وتسود العلاقة الحب والرحمة والمودة ومراعاة الحدود الشرعية في علاقتها مع إخوتها الذكور مثل النوم في حجرة منفصلة إذا توفر ومراعاة ملابسها بأن تكون محتشمة أثناء النوم.
وكذلك مراعاة الحدود الشرعية في علاقتها بأولاد العائلة فينمي لديها الحياء منهم وتعود الاختلاط المنضبط معهم في الكلام، والحرص على أن يكونوا دائمًا أمام والديهم وليس في غرفة بمفردهم حتى ولو في جماعة من الأولاد والبنات حتى لا يعتادوا ذلك الأمر لخطورته في الكبر وعند نمو مشاعرهم العاطفية.
3- يربى الأطفال منذ الصغر على استقبال الضيوف وإلقاء السلام عليهم، وعند الكبر يلفت نظرهم لحسن الاستقبال مثل الابتسامة عند الباب والترحيب بالكلمات وإدخال الضيف إلى الحجرة المخصصة لذلك حتى تأتي الأم، وعندما تكون الفتاة في الإعداد تدرب على آداب الحديث وكيفية الكلام مع الضيوف مع الأقارب من النساء وصديقات الأم حتى تأتي الأم وتجلس قليلاً ثم تنصرف إذا كانت الأحاديث لا تخصها، أما إذا كانت الجلسة عائلية فلا مانع من الاستمرار في الجلسة والمشاركة في الأحاديث بما يتناسب معها.
4- تحاول الأم أن توسع من دائرة معارف ابنتها وتتعرف إلى صديقاتها وتساعدها على الاختيار الأمثل ومعايير الاختيار والبنت عندما تكون تربيتها سليمة فإنها لا تختار إلا البنت المؤدبة.
5- تعلم الأم ابنتها كيفية التعامل مع الفتيات الأخريات بسلوكياتهن المختلفة، فتتعلم مثلاً التعامل مع البنت الاستغلالية والثرثارة والأنانية.
وفي نفس الوقت تعلمها كيف تتفقد أحوال صديقاتها والسؤال عن الغائبة منها ولا تكن سلبيةً في التعامل معهن، ولتبدأ بأقاربها من ناحية الأب والأم فهم الأولى بالسؤال وتنمية العلاقة وكذلك المبادرة بالتهنئة في المناسبات السعيدة بالنجاح والأعياد، ثم تأتي الصديقات في المرتبة الثانية فذلك السلوك له تأثير عليها في تكوينها الاجتماعي ويعطيها الإحساس بأهميته ذلك الدور في حياتها؛ حيث يزيد من ترابطها بالآخرين وارتباط الآخرين بها.
6- تساعد الأم ابنتها على إنضاج شخصيتها الاجتماعية وكيف تكون قدوة للأخريات في سلوكها وكيف تؤثر فيهن وعندما نلاحظ انقياد ابنتها للأخريات لا بد من توجيهها حتى تكون لها شخصيتها المستقلة والقيادية.
7- مصاحبة الأم لابنتها في بعض زيارتها لصديقاتها حتى تتعلم الفتاة آداب الزيارة والجلوس والحديث.
تنمية الجانب الثقافي
هذا الجانب مهم جدًّا حتى تنشأ الفتاة مثقفةً مهتمةً بالتعرف إلى كل ما هو جديد حتى تستطيع أن تكون مؤثرةً في أي جلسة تكون فيها، فالفتاة المثقفة هي التي تستطيع أن تنجب طفلاً يواجه التحديات والصعوبات غير الفتاة السطحية التي لا رأي لها ولا فكر، والثقافة تجعل الفتاة تنظر للموضوعات المختلفة نظرة عميقة مدركة للجوانب المختلفة لتلك الموضوعات فالثقافة من الأشياء المكملة والأساسية لشخصية الفتاة، فهي تعرف حقوقها جيدًا وتعرف طرق الحصول على تلك الحقوق أثناء تعاملها مع الآخرين.
والجانب الثقافي ينمى منذ الصغر أيضًا عن طريق الحكايات والقصص والتعود على القراءة والحوار الأسري المشترك مع الأب والأم وإدارة الموضوعات المختلفة معهم ومناقشتها والتعليق على آرائهم وأن يطلب منهم إعداد موضوعات معينة أو تلخيص قصته وإلقائها واستخلاص المستفاد من دروسها وقراءة الجرائد والمشاركة في نشاط الزهرات والإعدادي والثانوي، وأن تساعد الأم ابنتها في تنمية ذلك النشاط ببعض الأفكار والموضوعات.
المهارات المنزلية
يجب تعويد الفتاة منذ الصغر على المشاركة في الأعمال المنزلية، فبعد مرحلة المشاركة يأتي مرحلة الإتقان حتى تصل إلى الدرجة المطلوبة من النظافة فتتعلم تلميع الأثاث وغسل الزهور والنوافذ والأبواب بالتدريج.
وفترة الصيف للبنت مهمة جدًّا؛ حيث إن الوقت يكون طويلاً ويجب أن تشغله الأم بما ينفع ابنتها بدلاً من تركها للفراغ الذي من الممكن أن يقودها إلى أعمال غير مستحبة، فتتعود إتقان الأعمال التي تقوم وتعليمها إعداد بعض الأكلات حتى عندما ما تصل إلى الثانوي تكون متقنةً لعملية إعداد الطعام والحلويات التي تؤهلها لتحمل الأعباء الأسرية كاملةً أثناء غياب الأم لسفرٍ أو لمرض، وكذلك مشاركة الأم أثناء دعوات الأهل، كما يجب أن تتعلم فنون التطريز والخياطة والتركيب حسب رغبتها وميولها وبالذات خياطة الأشياء الضرورية.
الاقتصاد المنزلي
وهو من النقاط الهامة التي يجب التركيز عليها أثناء إعداد الفتاة للزواج ومفهوم الاقتصاد هنا مفهوم واسع ومتعدد وليس المقصود عملية الإنفاق فقط ولكن أيضًا يعني استغلال كل ما هو في البيت استغلالاً أمثل.
أولاً: المصروف من الصغر يجب تعويدهم على كيفية إنفاقه، فلا بد أن يكون هناك جزء منه للصدقة وجزء للادخار وجزء للإنفاق.
وكذلك بالنسبة لأي دخل يحصل عليه الأولاد حتى يحصلوا على بركة هذا المال فكلما تعودوا على الصدقة بارك الله لهم في ذلك المال.
ثانيًا: تعويدهم الإنفاق فيما يفيد مع التدرج معهم في ذلك بالصبر والحيلة وبالذات أن الأطفال يميلون إلى الحلوى بشراهة.
ثالثًا: عندما تصل البنت إلى سن تطمئن فيه الأم إلى حسن إنفاقها ووعيها بذلك الأمر وإحساسها بالمسئولية تجاه مصروفها الخاص، يتم الانتقال إلى مرحلة أخرى وهي تعويدها على تنظيم مصروف البيت وليكن مصروفًا أسبوعيًّا وتعليمها كيفية شراء متطلبات المنزل ووضع الأولويات لتلك المتطلبات وتعريفها بأماكن الأسواق وكيفية شراء البضاعة الجيدة وبثمنٍ معقول، وعملية تنظيم المصروف تتداول بين البنات، وتخصص مكافأة لمن تحسن الإمساك ثم بعد ذلك تعود على تنظيم المصروف الشهري.
من أهم أساليب الاقتصاد المنزلي:
حياكة الملابس وتحويلها إلى أغراض أخرى مثل عمل الفستان القديم جونلة للبنت أو تحويل بعض الأشياء الأخرى إلى مفارش للموائد أثناء الأكل، وهذه الطرق يتم تعلمها من البرامج التليفزيونية وصفحة المرأة في الجرائد والكتب المتخصصة في تلك المجالات.
الاستفادة من بواقي الأطعمة وإعادة تشكيلها مع بعض الإضافات للحصول على وجبة أخرى وتتعلم الفتاة كيفية إعداد الوجبات السريعة في الظروف الطارئة حتى تستطيع مواجهة تلك الظروف بسهولة ويسر دون اللجوء إلى مساعدة الآخرين أو شراء الأطعمة الجاهزة لما في ذلك من إرهاق ميزانية الأسرة.